09-06-2023, 07:32 AM
البيئة والتحكم في الإضاءة
إن أهم ما يجب مراعاته عند تصميم الإضاءة في مكان ما هو توفير ضوء كاف يسمح برؤية جيدة ولا يرهق العين، فالإضاءة على علاقة وثيقة بحاسة البصر عند الإنسان، لأن العين تتكيف تماماً مع نوع الإضاءة التي تحيط بها، وهي قادرة على الرؤية في ضوء القمر مع أن الضياء في هذه الحالة لا يتجاوز جزءاً من مليون جزء من ضياء الشمس. ولا يتوقف تكيف العين عند هذا القدر ولكنه يؤثر في الإحساس الناتج من وجود ضوء مهما كانت شدته وكميته، فقد يبدو سطح في شارع مضيئاً ساطعاً في الليل وتراه أقل ضياء في النهار، وهذا ما يمكن أن يسمى الضياء الظاهري أو النسبي، ويقابله الضياء الفيزيائي أو الكمي ويتوقف تحديد ذلك على معرفة العلاقة بين الإضاءة والرؤية، إذ يمكن تحليل آلية الإبصار عند الإنسان إلى عوامل أساسية ثلاثة هي: حدة الإبصار visual ecuity وإدراك التباين contrast والحركة movement وعلى هذا الأساس تم التوصل إلى اتفاق عالمي حول طرائق تحديد مستويات الإضاءة وتحديد كمية الضوء اللازمة للرؤية المجدية والمريحة، وحول طرائق التخفيف من العوامل المزعجة كالضوء الشديد والبهر. ولقد سعت بعض الدول إلى وضع قوانين ناظمة للإضاءة وفهارس لراحة البصر visual comfort index أو لدرجة السطوع (البهر) glare index، ولكن مهندسي الإضاءة غالباً ما يصطدمون بعقبات كثيرة تضطرهم إلى التغاضي عن تطبيق مثل هذه القوانين والفهارس زيادة أو نقصاناً، ناهيك عن التضارب الذي قد ينتج من اختلاف وجهات النظر في التصميم بين هندسة الإضاءة
مصادر الضوء تنقسم مصادر الضوء إلى نوعين، هما: مصدر ضوء طبيعي، مثل ضوء الشمس، والنجوم. مصدر ضوء صناعي، مثل المصابيح الكهربائية، والنار. أهمية الضوء للضوء في الحياة أهمية جمّة، وهي: يحتاجه الإنسان لرؤية الأشياء من حوله. يحتاجه النبات لنشاطاته الفسيولوجية، لأنّ الضوء يساعد النبات على صنع غذائه من خلال عملية البناء الضوئي، ومساعدة النباتات في عملية الإزهار، وفتح ثغورها وإغلاقها. يحتاجه الحيوان في دوراته التناسلية، مثل الحيوانات البحرية اللافقارية. يقوم الضوء بطريقة غير مباشرة بالتأثير على التنفس، وذلك إن تمّت عملية البناء الضوئي بطريقة كاملة سيبعث النبات الأكسجين ويمتصّ ثاني أكسيد الكربون. الضوء مهم للإنسان، في القراءة، وتمييز الألوان، وتنفيذ الأعمال. يستخدم الضوء في إنارة البيوت، وإضاءة المنارات لهداية السفن في الليل، وإنارة الشوارع ليلاً. تنظيم حركة المرور في الشوارع. يساهم الضوء في تحديد مسارات هجرة الطيور، والأسماك، والحشرات من بيئة إلى أخرى
الإضاءة الداخلية
ميل معظم البلدان إلى تبني نماذج متشابهة تقريباً في الإضاءة الداخلية من حيث مصادر الضوء وطراز العمارة واحتياجات الإضاءة في أماكن الراحة والعمل، ولقد أثبتت الدراسة أن متطلبات الإضاءة في الوقت الحاضر أكبر بكثير مما كانت عليه قبل عقد من الزمن، وأنها ازدادت خمسين ضعفاً عنها في النصف الأول من القرن العشرين، وليس السبب في ذلك ضعف الرؤية أو تلف البصر عند الإنسان المعاصر، وإنما ميل الناس إلى الرؤية الواضحة حيثما كانوا من دون أن يضطروا إلى الاقتراب من منبع الضوء أو انتظار بزوغ الشمس للقيام بأعمالهم. وغدت الإضاءة المركبة أو المختلطة هي الأكثر قبولاً في الإضاءة الداخلية، الأمر الذي يتطلب تعاوناً بين مهندس الإضاءة ومهندس التزيين الداخلي أو ما يسمى «الديكور» من أجل توفير بيئة داخلية مفيدة ومريحة.
في دور السكن
ما يزال الضوء المركزي المتدلي من السقف، وسواء كان مصباحاً مفرداً أو ثريا متعددة المصابيح، هو الأسلوب الأكثر شيوعاً في إضاءة المنازل العادية، وغالباً ما يكمله ضوء جداري واحد أو ضوءان مع ضوء أرضي محجوب على منضدة العمل أو قائم في أحد الزوايا، وتعد هذه الإضاءة من أفضل الطرائق المعتمدة لراحة البصر وأكثرها اقتصاداً، إذ تكون العين أكثر فاعلية وأقل إجهاداً عندما تكون الإضاءة في مكان العمل (عند القراءة مثلاً) أكثر بقليل منها فيما يحيط بذلك المكان، ولكن من غير الجائز أبداً الاكتفاء بضوء منضدة واحد في الغرفة لأنه يجعل الغرفة أشد إظلاماً ويؤدي إلى إرهاق البصر. وثمة مصابيح تنثر ضوءاً عاماً مع تركيز حزمة من الضوء على مكان محدد في آن واحد، وهي من أفضل مصادر الضوء اقتصاداً لإضاءة أماكن العمل ضمن المنازل. ويعد المصباح الكهربائي المتوهج ذو السلك المعدني أكثر المصابيح ملاءمة لجو المسكن الاجتماعي بسبب لون ضيائه المائل للصفرة لأنه يشعر الإنسان بالدفء والراحة. أما مصابيح التألق الغازية (الفلورسنت) فهي المفضلة في بعض الأماكن من المنزل كالمطابخ، وغير مرغوب فيها في غرف الجلوس والنوم بسبب حجم مصباحها من جهة ولمشابهة ضوئها ضوء النهار الذي قد يرغب الناس عنه. وأما الإضاءة المفضلة لمشاهدة التلفزيون فهي مثار جدل كبير، ويفضل معظم الناس أن تكون الإضاءة عادية من دون أن يلحق ذلك أي أذى بالعين، غير أن الضوء الأبيض المسلط على الشاشة الملونة مباشرة يشوه ألوانها، وتتوقف سوية الإضاءة عند مشاهدة التلفزيون على الإحساس الشخصي مع تجنب انعكاسات الضوء المزعجة، ويفضل في معظم الأحوال أن تكون الإضاءة خلفية وأن تكون سويتها أقل بقليل من تلك المستعملة في القراءة أو العمل.
في المدارس
تميل بعض الدول إلى جعل الإضاءة في المدارس شبيهة بإضاءة المنازل، في حين تصر دول أخرى على وضع مصدر الضوء فوق ساحة العمل كمقاعد الدرس والسبورة، وتفضل إضاءة المدارس بمصابيح التألق الغازية المثبتة في السقف، أو بإضاءة السقف إضاءة شديدة لا تترك ظلالاً على سطح العمل.
في المكاتب
كان الضوء الطبيعي الداخل من النوافذ أساس الإضاءة في المكاتب في النهار لذا وجب أن تكون النوافذ عريضة وموجهة، في حين كانت الإضاءة الصنعية مخصصة للعمل بعد حلول الظلام أو في المكاتب التي لا يدخلها الضوء الطبيعي. وقد أظهرت الدراسات اللاحقة ميزات التكامل بين الإضاءتين الطبيعية والصنعية من أجل تحسين نوعية العمل، فلم تعد ثمة ضرورة لجعل النوافذ كافية لتوفير الضوء اللازم في ساعات النهار، غير أن وجودها مهم جداً لأنها تربط العاملين في المكتب بالعالم الخارجي، وقد اعتمد هذا المبدأ في معظم البلدان، ولم يؤخذ به في الولايات المتحدة الأمريكية حيث يفضل العمل بالإضاءة الصنعية ليلاً ونهاراً ولو بإسدال الستائر لتخفيف وهج الضوء الطبيعي. وتعتمد إضاءة المكاتب عادة على مصابيح التألق المثبتة في السقف، ظاهرة أو مخفية، لكي تعطي ضوءاً متجانساً فوق ساحة العمل كلها، وتسمح بترتيب حجرة المكتب بحسب مقتضيات العمل وذوق شاغله، ولا تقل سوية الإضاءة في المكتب عادة عن 10% إلى 20% من الضوء الطبيعي، إذ يعتقد أن هذه هي الدرجة المثلى للإضاءة عند استعمال الورق الأبيض.
في المشافي
يميل الأمريكيون إلى عدم استعمال الألوان في طلاء الجدران، والإقلال من استعمال المعلقات (لوحات أو صور) مع توفير مستويات عالية من الإضاءة بمصابيح التألق ظاهرة أو مخفية في السقف وفوق رؤوس الأسرة مباشرة، في حين يأخذ معظم البلدان الأخرى، وفي أوربة خاصة، بمبدأ توفير الإضاءة المريحة بسويات منخفضة نسبياً مع تلوين الجدران والستائر بأسلوب يمنح المرضى شعوراً بالراحة كما لو كانوا في منازلهم. أما غرف العمليات فتتطلب بطبيعة الحال تركيز إضاءة بسوية عالية خالية من الظلال فوق سطوح العمل بصرف النظر عن مكان وقوف الجراح أو حركته. وغالباً ما يوفر ذلك من مصدر ضوئي كبير جداً ومتعدد الأضواء معلق فوق طاولة العمليات، وهو الحل الأقل تكلفة، أو من سقف إهليلجي عاكس مضيء إضاءة كلية يضم عدداً من المنابع الضوئية الصغيرة الموجهة إلى ساحة العمل يتحكم الجراح نفسه في توزيع ضوئها أو اتجاهه بأزرار في متناول يده، ومن المهم جداً أن تتمم هذه الإضاءة بإضاءة عامة لغرفة العمليات خالية من الظلال كي يتمكن مساعدو الجراح من القيام بعملهم بكفاية من غير إجهاد للبصر.
- في المصانع والمعامل
تعد إضاءة سطوح العمل إضاءة كافية مطلباً أساسياً، وغالباً ما تكون الإضاءة فيها بمصابيح تألق غازية ذات سوية عالية مثبتة في السقف. ومن المتفق عليه عالمياً أن تراوح شدة الإضاءة بين 10% و25% من الضوء الطبيعي في يوم مشرق. وتختلف مشكلة الإضاءة هنا عنها في المكاتب، لأن التعامل في المكاتب غالباً مع الورق الأبيض، في حين يرتبط العمل في المصنع بمواد مختلفة متباينة الألوان أقل عكساً للضوء من الورق توفر راحة أكثر للبصر مهما كانت شدة الإضاءة، وقد أثبتت الخبرة الطويلة أن ارتفاع سوية الإضاءة في المعامل يزيد الإنتاج ويعطي مردوداً يعوض ما ينفق عليها. والجدير بالملاحظة هنا أن بعض المهمات الصناعية الدقيقة تتطلب إضاءة إضافية أو متممة قد تبلغ سويتها سوية الإضاءة الطبيعية في نهار مشرق كتجمع الآلات الدقيقة والساعات وآلات التصوير، وكذلك مكاتب الرسم التي يفضل الرسامون العاملون عليها سوية عالية من الإضاءة. ويراعي مصممو الإضاءة في المصانع عادة سهولة تنظيف مصادر الضوء وصيانتها، لأن حرارة تصليح سخانات مركزية
المصابيح تسبب تياراً هوائياً صاعداً يحمل معه ذرات الغبار والهباب من أماكن العمل فتتوضع على السطوح العاكسة للضوء وتخفف من ضيائها، كما أن الحرارة المنبعثة من مصادر الضوء ومن الآلات ومن أجسام العمال أنفسهم تفترض توفير تهوية كافية لمصادر الضوء تخفف من حرارتها وتحافظ على تألقها، لأن الحرارة المفرطة تقلل من تألق الضوء وتخفف مردوده. يتبع في إضاءة المصانع أسلوبان أساسيان أولهما الإضاءة من علو مع ترك فرجات ومسافات متناظرة بين الأضواء، وثانيهما الإضاءة المتتابعة والمستمرة على صفوف. والأسلوب الأول أكثر مواءمة للعنابر الكبيرة المرتفعة الأسقف كحظائر الطائرات، حيث تكون الإضاءة متجانسة من غير تداخل نظراً لسعة المكان. أما الأسلوب الثاني فيمكن من تركيب الأضواء فوق خطوط العمل على ارتفاع مناسب لكي تتكامل مع ضوء النهار أو تحل محله تماماً في الليل. وقد يستخدم بعض المصانع السقوف المضيئة كلية ولاسيما تلك التي تتطلب تحكماً دقيقاً في مناخها الداخلي.
في المتاجر والحوانيت
تعتمد الإضاءة بحسب وظيفة المتجر ومكوناته. فتضاء صالات العرض ومخازن البضاعة إضاءة كافية تمكن من رؤية محتوياتها بوضوح مع توفير التأثير الضوئي الملائم للإعلان عنها، وغالباً ما ترتب مصابيح الإضاءة متناظرة ومنسجمة مع التزيين الداخلي للمتجر وتصميمه. ويراعى فيها تجنب الوهج الشديد واختيار سوية تتناسب مع نوعية البضاعة المعروضة، كأن تضاء المفروشات مثلاً إضاءة منخفضة وموزعة توزيعاً مناسباً في حين تضاء الألبسة والطنافس والسجاد إضاءة بهيجة متألقة. وتهتم المتاجر خاصة بتزيين واجهات العرض وإضاءتها للدعاية لمعروضاتها لكي تبرز عما يجاورها وتظهر النواحي الجمالية فيها، ويراعى هنا إخفاء مصادر الضوء عن النظر المباشر واستعمال المصابيح الملونة واستعمال المصابيح المتغيرة الشدة والمرايا العاكسة وغير ذلك.
الإضاءة الخارجية
تقسم الإضاءة الخارجية إلى إضاءة استثمارية (خدمية) إلزامية وإضاءة تأثيرية أو تزيينية، والغاية الأساسية للإضاءة الاستثمارية هي توفير الأمن والشروط الملائمة للعمل والحركة في الخارج. وتتطلب الإضاءة الخارجية الاستثمارية في معظمها خبرة خاصة لا تتوافر إلا في مهندس الإضاءة المختص، فإضاءة المطارات والملاعب والشوارع عمل اختصاصي يحتاج إلى مهارة ودراية، وقد يكون من الخطر تركه لممارس غير ذي خبرة، لأن إضاءة مهبط في مطار ما لا تحدد موقعه وبعده فحسب وإنما تمكن الطيار من معرفة طريقه، وكيفية هبوطه بدقة متناهية ومن مسافة كبيرة. أما إضاءة الشوارع فهدفها الرئيس تحقيق أمن حركة وسائل النقل والمشاة والإقلال من حوادث الطرق، فالمعروف أن حوادث الطرق في الشوارع الجيدة الإضاءة تقل بنسبة 30% عنها في الطرق غير المضاءة. وتخضع الإضاءة الاستثمارية عموماً لمعدلات محددة توفر الوضوح والتوجه الصحيحين مع تجنب التأثير الباهر للأضواء المستعملة. تهتم الإضاءة التأثيرية lighting for effect أو التزيينية decorative lighting بإحداث تأثيرات معينة في العين البشرية وإضفاء ظلال وانعكاسات وبقع شديدة الضياء على الأشياء التي تسلط عليها الأضواء، فتمنحها منظراً خلاباً بغض النظر عن قدرة العين على تمييز تفصيلاتها أو قراءة ما هو مكتوب عليها كإضاءة الآثار والحدائق العامة.
إضاءة المدن والشوارع
تعتمد هذه الإضاءة اعتماداً كبيراً على مخطط المدن وعلى أجهزة الإضاءة ومواضعها. ولقد أدرك الإنسان منذ القدم أهمية إضاءة الطرق بوصفها عامل أمن وعائقاً للجريمة، وقد عرفت شوارع المدن الكبرى الإضاءة منذ قرون، وكان الناس في دمشق والقاهرة في العصر المملوكي يلزمون بوضع مصابيح على أبواب دورهم، وبحمل مصابيح عند تجولهم ليلاً، وشاع استعمال مصابيح الغاز في عواصم العالم منذ أواخر القرن التاسع عشر ثم حلت محلها مصابيح القوس الكهربائية فالمصابيح ذات السلك. ومع تطور صناعة السيارات وازدياد حركة المرور على الطرق ليلاً اكتسبت إضاءة الشوارع أهمية جديدة وتطلب الأمر استعمال مصابيح شديدة التوهج كمصابيح بخار الزئبق والصوديوم. وتبنت الدول المختلفة مبادئ متباينة لإضاءة مدنها وشوارعها لعل أفضلها ما تم تبنيه في القارة الأوربية من اعتماد مبدأ الرؤية الطبيعية بإضاءة السطوح المطلوبة مع إبقاء الخلفية مظلمة، وقد تضاف إليها أو تكملها إضاءة تزيينية عامة وأضواء واجهات المحال التجارية. ويراعى عند إضاءة الشارع عرضه واتجاه السير فيه، فقد تكون الإضاءة على أحد الجانبين إذا كان عرض القسم المخصص للمرور أقل من 12 متراً، وتكون الإضاءة على محور الشارع إذا لم يزد عرضه على 18 متراً وتصبح الإضاءة على كلا الجانبين عندما يصل العرض إلى 48 متراً، ويجب ألا تزيد المسافة الفاصلة بين القنديل أو المصباح والآخر على 4-5 أضعاف ارتفاعه عن سطح الشارع، ويضاف إلى هذا كله مؤشرات الطرق المضيئة والإشارات الضوئية التي تنظم السير.
إضاءة الملاعب وحلبات الرياضة
كانت الألعاب الرياضية مقتصرة على ضوء النهار في تاريخها الطويل، غير أن تطور مصادر الطاقة ومنابع الضوء وفر الجدوى الاقتصادية الضرورية لإضاءة حلبات الرياضة وملاعبها. وكانت الإضاءة في البدء تعتمد على أضواء معلقة فوق الملعب مباشرة إلا أن الأسلوب الأساسي المتبع اليوم هو استخدام صفوف من المناوير الضخمة projectors في زوايا الملعب أو على محيطه. وتستعمل في هذه الحالة مصابيح خاصة ذات مردود ضوئي مرتفع وحياة طويلة نسبياً مثل مناوير التنغستين ـ هالوجين tungsten-hologen projectors. وربما شهدت الملاعب قريباً مصابيح أكثر فاعلية من نوع مصابيح الزنون التي يجري العمل على تطويرها.
إضاءة المنشآت الأثرية والعامة
إن الغاية الأساسية من إضاءة هذه المنشآت هي الإضاءة التأثيرية التزيينية وغالباً ما يكون الأسلوب المتبع هو «إضاءة الغمر»، والقصد منها إضاءة الواجهات والنصب والنوافير والرايات واللافتات والمساحات الخضراء بمناوير وكشافات متعددة الألوان متباينة الشدة. والمبدأ العام هنا، كما في إضاءة الملاعب هو تسليط الضوء على الشيء المراد إبرازه من مسافة كافية، فتنار المنشأة من دون ما يجاورها. والغاية من «إضاءة الغمر» توزيع الضوء بالاتجاه وبالكمية اللازمين لإنارة جميع أجزاء الواجهة فتبرز منحوتاتها ورسوماتها وأشكالها كما تبدو في وضح النهار.تصليح سخانات مركزية
وقد يلجأ إلى تعليم حواف الأبنية بمصابيح التألق أو بالمصابيح الملونة الظاهرة أو المخفية، وإلى إبراز معالم البناء المعمارية بأضواء تنبعث من الداخل من خلال السطوح الزجاجية أو بوضع أضواء خلف المنشأة تضفي عليها ظلالاً خاصة، ويضاف إلى ذلك كله تنوع الإعلانات واللوحات المضيئة التي تعطي المشاهد التأثير المطلوب. وأخيراً فإن الجمع بين الإضاءة الاستثمارية والإضاءة التزيينية جمعاً ماهراً مدروساً يؤلف عنصراً مهماً في إعطاء المدينة والشارع والمنشآت جميعها مسحة جمالية منسجمة تمنحها طابعها الخاص.
إن أهم ما يجب مراعاته عند تصميم الإضاءة في مكان ما هو توفير ضوء كاف يسمح برؤية جيدة ولا يرهق العين، فالإضاءة على علاقة وثيقة بحاسة البصر عند الإنسان، لأن العين تتكيف تماماً مع نوع الإضاءة التي تحيط بها، وهي قادرة على الرؤية في ضوء القمر مع أن الضياء في هذه الحالة لا يتجاوز جزءاً من مليون جزء من ضياء الشمس. ولا يتوقف تكيف العين عند هذا القدر ولكنه يؤثر في الإحساس الناتج من وجود ضوء مهما كانت شدته وكميته، فقد يبدو سطح في شارع مضيئاً ساطعاً في الليل وتراه أقل ضياء في النهار، وهذا ما يمكن أن يسمى الضياء الظاهري أو النسبي، ويقابله الضياء الفيزيائي أو الكمي ويتوقف تحديد ذلك على معرفة العلاقة بين الإضاءة والرؤية، إذ يمكن تحليل آلية الإبصار عند الإنسان إلى عوامل أساسية ثلاثة هي: حدة الإبصار visual ecuity وإدراك التباين contrast والحركة movement وعلى هذا الأساس تم التوصل إلى اتفاق عالمي حول طرائق تحديد مستويات الإضاءة وتحديد كمية الضوء اللازمة للرؤية المجدية والمريحة، وحول طرائق التخفيف من العوامل المزعجة كالضوء الشديد والبهر. ولقد سعت بعض الدول إلى وضع قوانين ناظمة للإضاءة وفهارس لراحة البصر visual comfort index أو لدرجة السطوع (البهر) glare index، ولكن مهندسي الإضاءة غالباً ما يصطدمون بعقبات كثيرة تضطرهم إلى التغاضي عن تطبيق مثل هذه القوانين والفهارس زيادة أو نقصاناً، ناهيك عن التضارب الذي قد ينتج من اختلاف وجهات النظر في التصميم بين هندسة الإضاءة
مصادر الضوء تنقسم مصادر الضوء إلى نوعين، هما: مصدر ضوء طبيعي، مثل ضوء الشمس، والنجوم. مصدر ضوء صناعي، مثل المصابيح الكهربائية، والنار. أهمية الضوء للضوء في الحياة أهمية جمّة، وهي: يحتاجه الإنسان لرؤية الأشياء من حوله. يحتاجه النبات لنشاطاته الفسيولوجية، لأنّ الضوء يساعد النبات على صنع غذائه من خلال عملية البناء الضوئي، ومساعدة النباتات في عملية الإزهار، وفتح ثغورها وإغلاقها. يحتاجه الحيوان في دوراته التناسلية، مثل الحيوانات البحرية اللافقارية. يقوم الضوء بطريقة غير مباشرة بالتأثير على التنفس، وذلك إن تمّت عملية البناء الضوئي بطريقة كاملة سيبعث النبات الأكسجين ويمتصّ ثاني أكسيد الكربون. الضوء مهم للإنسان، في القراءة، وتمييز الألوان، وتنفيذ الأعمال. يستخدم الضوء في إنارة البيوت، وإضاءة المنارات لهداية السفن في الليل، وإنارة الشوارع ليلاً. تنظيم حركة المرور في الشوارع. يساهم الضوء في تحديد مسارات هجرة الطيور، والأسماك، والحشرات من بيئة إلى أخرى
الإضاءة الداخلية
ميل معظم البلدان إلى تبني نماذج متشابهة تقريباً في الإضاءة الداخلية من حيث مصادر الضوء وطراز العمارة واحتياجات الإضاءة في أماكن الراحة والعمل، ولقد أثبتت الدراسة أن متطلبات الإضاءة في الوقت الحاضر أكبر بكثير مما كانت عليه قبل عقد من الزمن، وأنها ازدادت خمسين ضعفاً عنها في النصف الأول من القرن العشرين، وليس السبب في ذلك ضعف الرؤية أو تلف البصر عند الإنسان المعاصر، وإنما ميل الناس إلى الرؤية الواضحة حيثما كانوا من دون أن يضطروا إلى الاقتراب من منبع الضوء أو انتظار بزوغ الشمس للقيام بأعمالهم. وغدت الإضاءة المركبة أو المختلطة هي الأكثر قبولاً في الإضاءة الداخلية، الأمر الذي يتطلب تعاوناً بين مهندس الإضاءة ومهندس التزيين الداخلي أو ما يسمى «الديكور» من أجل توفير بيئة داخلية مفيدة ومريحة.
في دور السكن
ما يزال الضوء المركزي المتدلي من السقف، وسواء كان مصباحاً مفرداً أو ثريا متعددة المصابيح، هو الأسلوب الأكثر شيوعاً في إضاءة المنازل العادية، وغالباً ما يكمله ضوء جداري واحد أو ضوءان مع ضوء أرضي محجوب على منضدة العمل أو قائم في أحد الزوايا، وتعد هذه الإضاءة من أفضل الطرائق المعتمدة لراحة البصر وأكثرها اقتصاداً، إذ تكون العين أكثر فاعلية وأقل إجهاداً عندما تكون الإضاءة في مكان العمل (عند القراءة مثلاً) أكثر بقليل منها فيما يحيط بذلك المكان، ولكن من غير الجائز أبداً الاكتفاء بضوء منضدة واحد في الغرفة لأنه يجعل الغرفة أشد إظلاماً ويؤدي إلى إرهاق البصر. وثمة مصابيح تنثر ضوءاً عاماً مع تركيز حزمة من الضوء على مكان محدد في آن واحد، وهي من أفضل مصادر الضوء اقتصاداً لإضاءة أماكن العمل ضمن المنازل. ويعد المصباح الكهربائي المتوهج ذو السلك المعدني أكثر المصابيح ملاءمة لجو المسكن الاجتماعي بسبب لون ضيائه المائل للصفرة لأنه يشعر الإنسان بالدفء والراحة. أما مصابيح التألق الغازية (الفلورسنت) فهي المفضلة في بعض الأماكن من المنزل كالمطابخ، وغير مرغوب فيها في غرف الجلوس والنوم بسبب حجم مصباحها من جهة ولمشابهة ضوئها ضوء النهار الذي قد يرغب الناس عنه. وأما الإضاءة المفضلة لمشاهدة التلفزيون فهي مثار جدل كبير، ويفضل معظم الناس أن تكون الإضاءة عادية من دون أن يلحق ذلك أي أذى بالعين، غير أن الضوء الأبيض المسلط على الشاشة الملونة مباشرة يشوه ألوانها، وتتوقف سوية الإضاءة عند مشاهدة التلفزيون على الإحساس الشخصي مع تجنب انعكاسات الضوء المزعجة، ويفضل في معظم الأحوال أن تكون الإضاءة خلفية وأن تكون سويتها أقل بقليل من تلك المستعملة في القراءة أو العمل.
في المدارس
تميل بعض الدول إلى جعل الإضاءة في المدارس شبيهة بإضاءة المنازل، في حين تصر دول أخرى على وضع مصدر الضوء فوق ساحة العمل كمقاعد الدرس والسبورة، وتفضل إضاءة المدارس بمصابيح التألق الغازية المثبتة في السقف، أو بإضاءة السقف إضاءة شديدة لا تترك ظلالاً على سطح العمل.
في المكاتب
كان الضوء الطبيعي الداخل من النوافذ أساس الإضاءة في المكاتب في النهار لذا وجب أن تكون النوافذ عريضة وموجهة، في حين كانت الإضاءة الصنعية مخصصة للعمل بعد حلول الظلام أو في المكاتب التي لا يدخلها الضوء الطبيعي. وقد أظهرت الدراسات اللاحقة ميزات التكامل بين الإضاءتين الطبيعية والصنعية من أجل تحسين نوعية العمل، فلم تعد ثمة ضرورة لجعل النوافذ كافية لتوفير الضوء اللازم في ساعات النهار، غير أن وجودها مهم جداً لأنها تربط العاملين في المكتب بالعالم الخارجي، وقد اعتمد هذا المبدأ في معظم البلدان، ولم يؤخذ به في الولايات المتحدة الأمريكية حيث يفضل العمل بالإضاءة الصنعية ليلاً ونهاراً ولو بإسدال الستائر لتخفيف وهج الضوء الطبيعي. وتعتمد إضاءة المكاتب عادة على مصابيح التألق المثبتة في السقف، ظاهرة أو مخفية، لكي تعطي ضوءاً متجانساً فوق ساحة العمل كلها، وتسمح بترتيب حجرة المكتب بحسب مقتضيات العمل وذوق شاغله، ولا تقل سوية الإضاءة في المكتب عادة عن 10% إلى 20% من الضوء الطبيعي، إذ يعتقد أن هذه هي الدرجة المثلى للإضاءة عند استعمال الورق الأبيض.
في المشافي
يميل الأمريكيون إلى عدم استعمال الألوان في طلاء الجدران، والإقلال من استعمال المعلقات (لوحات أو صور) مع توفير مستويات عالية من الإضاءة بمصابيح التألق ظاهرة أو مخفية في السقف وفوق رؤوس الأسرة مباشرة، في حين يأخذ معظم البلدان الأخرى، وفي أوربة خاصة، بمبدأ توفير الإضاءة المريحة بسويات منخفضة نسبياً مع تلوين الجدران والستائر بأسلوب يمنح المرضى شعوراً بالراحة كما لو كانوا في منازلهم. أما غرف العمليات فتتطلب بطبيعة الحال تركيز إضاءة بسوية عالية خالية من الظلال فوق سطوح العمل بصرف النظر عن مكان وقوف الجراح أو حركته. وغالباً ما يوفر ذلك من مصدر ضوئي كبير جداً ومتعدد الأضواء معلق فوق طاولة العمليات، وهو الحل الأقل تكلفة، أو من سقف إهليلجي عاكس مضيء إضاءة كلية يضم عدداً من المنابع الضوئية الصغيرة الموجهة إلى ساحة العمل يتحكم الجراح نفسه في توزيع ضوئها أو اتجاهه بأزرار في متناول يده، ومن المهم جداً أن تتمم هذه الإضاءة بإضاءة عامة لغرفة العمليات خالية من الظلال كي يتمكن مساعدو الجراح من القيام بعملهم بكفاية من غير إجهاد للبصر.
- في المصانع والمعامل
تعد إضاءة سطوح العمل إضاءة كافية مطلباً أساسياً، وغالباً ما تكون الإضاءة فيها بمصابيح تألق غازية ذات سوية عالية مثبتة في السقف. ومن المتفق عليه عالمياً أن تراوح شدة الإضاءة بين 10% و25% من الضوء الطبيعي في يوم مشرق. وتختلف مشكلة الإضاءة هنا عنها في المكاتب، لأن التعامل في المكاتب غالباً مع الورق الأبيض، في حين يرتبط العمل في المصنع بمواد مختلفة متباينة الألوان أقل عكساً للضوء من الورق توفر راحة أكثر للبصر مهما كانت شدة الإضاءة، وقد أثبتت الخبرة الطويلة أن ارتفاع سوية الإضاءة في المعامل يزيد الإنتاج ويعطي مردوداً يعوض ما ينفق عليها. والجدير بالملاحظة هنا أن بعض المهمات الصناعية الدقيقة تتطلب إضاءة إضافية أو متممة قد تبلغ سويتها سوية الإضاءة الطبيعية في نهار مشرق كتجمع الآلات الدقيقة والساعات وآلات التصوير، وكذلك مكاتب الرسم التي يفضل الرسامون العاملون عليها سوية عالية من الإضاءة. ويراعي مصممو الإضاءة في المصانع عادة سهولة تنظيف مصادر الضوء وصيانتها، لأن حرارة تصليح سخانات مركزية
المصابيح تسبب تياراً هوائياً صاعداً يحمل معه ذرات الغبار والهباب من أماكن العمل فتتوضع على السطوح العاكسة للضوء وتخفف من ضيائها، كما أن الحرارة المنبعثة من مصادر الضوء ومن الآلات ومن أجسام العمال أنفسهم تفترض توفير تهوية كافية لمصادر الضوء تخفف من حرارتها وتحافظ على تألقها، لأن الحرارة المفرطة تقلل من تألق الضوء وتخفف مردوده. يتبع في إضاءة المصانع أسلوبان أساسيان أولهما الإضاءة من علو مع ترك فرجات ومسافات متناظرة بين الأضواء، وثانيهما الإضاءة المتتابعة والمستمرة على صفوف. والأسلوب الأول أكثر مواءمة للعنابر الكبيرة المرتفعة الأسقف كحظائر الطائرات، حيث تكون الإضاءة متجانسة من غير تداخل نظراً لسعة المكان. أما الأسلوب الثاني فيمكن من تركيب الأضواء فوق خطوط العمل على ارتفاع مناسب لكي تتكامل مع ضوء النهار أو تحل محله تماماً في الليل. وقد يستخدم بعض المصانع السقوف المضيئة كلية ولاسيما تلك التي تتطلب تحكماً دقيقاً في مناخها الداخلي.
في المتاجر والحوانيت
تعتمد الإضاءة بحسب وظيفة المتجر ومكوناته. فتضاء صالات العرض ومخازن البضاعة إضاءة كافية تمكن من رؤية محتوياتها بوضوح مع توفير التأثير الضوئي الملائم للإعلان عنها، وغالباً ما ترتب مصابيح الإضاءة متناظرة ومنسجمة مع التزيين الداخلي للمتجر وتصميمه. ويراعى فيها تجنب الوهج الشديد واختيار سوية تتناسب مع نوعية البضاعة المعروضة، كأن تضاء المفروشات مثلاً إضاءة منخفضة وموزعة توزيعاً مناسباً في حين تضاء الألبسة والطنافس والسجاد إضاءة بهيجة متألقة. وتهتم المتاجر خاصة بتزيين واجهات العرض وإضاءتها للدعاية لمعروضاتها لكي تبرز عما يجاورها وتظهر النواحي الجمالية فيها، ويراعى هنا إخفاء مصادر الضوء عن النظر المباشر واستعمال المصابيح الملونة واستعمال المصابيح المتغيرة الشدة والمرايا العاكسة وغير ذلك.
الإضاءة الخارجية
تقسم الإضاءة الخارجية إلى إضاءة استثمارية (خدمية) إلزامية وإضاءة تأثيرية أو تزيينية، والغاية الأساسية للإضاءة الاستثمارية هي توفير الأمن والشروط الملائمة للعمل والحركة في الخارج. وتتطلب الإضاءة الخارجية الاستثمارية في معظمها خبرة خاصة لا تتوافر إلا في مهندس الإضاءة المختص، فإضاءة المطارات والملاعب والشوارع عمل اختصاصي يحتاج إلى مهارة ودراية، وقد يكون من الخطر تركه لممارس غير ذي خبرة، لأن إضاءة مهبط في مطار ما لا تحدد موقعه وبعده فحسب وإنما تمكن الطيار من معرفة طريقه، وكيفية هبوطه بدقة متناهية ومن مسافة كبيرة. أما إضاءة الشوارع فهدفها الرئيس تحقيق أمن حركة وسائل النقل والمشاة والإقلال من حوادث الطرق، فالمعروف أن حوادث الطرق في الشوارع الجيدة الإضاءة تقل بنسبة 30% عنها في الطرق غير المضاءة. وتخضع الإضاءة الاستثمارية عموماً لمعدلات محددة توفر الوضوح والتوجه الصحيحين مع تجنب التأثير الباهر للأضواء المستعملة. تهتم الإضاءة التأثيرية lighting for effect أو التزيينية decorative lighting بإحداث تأثيرات معينة في العين البشرية وإضفاء ظلال وانعكاسات وبقع شديدة الضياء على الأشياء التي تسلط عليها الأضواء، فتمنحها منظراً خلاباً بغض النظر عن قدرة العين على تمييز تفصيلاتها أو قراءة ما هو مكتوب عليها كإضاءة الآثار والحدائق العامة.
إضاءة المدن والشوارع
تعتمد هذه الإضاءة اعتماداً كبيراً على مخطط المدن وعلى أجهزة الإضاءة ومواضعها. ولقد أدرك الإنسان منذ القدم أهمية إضاءة الطرق بوصفها عامل أمن وعائقاً للجريمة، وقد عرفت شوارع المدن الكبرى الإضاءة منذ قرون، وكان الناس في دمشق والقاهرة في العصر المملوكي يلزمون بوضع مصابيح على أبواب دورهم، وبحمل مصابيح عند تجولهم ليلاً، وشاع استعمال مصابيح الغاز في عواصم العالم منذ أواخر القرن التاسع عشر ثم حلت محلها مصابيح القوس الكهربائية فالمصابيح ذات السلك. ومع تطور صناعة السيارات وازدياد حركة المرور على الطرق ليلاً اكتسبت إضاءة الشوارع أهمية جديدة وتطلب الأمر استعمال مصابيح شديدة التوهج كمصابيح بخار الزئبق والصوديوم. وتبنت الدول المختلفة مبادئ متباينة لإضاءة مدنها وشوارعها لعل أفضلها ما تم تبنيه في القارة الأوربية من اعتماد مبدأ الرؤية الطبيعية بإضاءة السطوح المطلوبة مع إبقاء الخلفية مظلمة، وقد تضاف إليها أو تكملها إضاءة تزيينية عامة وأضواء واجهات المحال التجارية. ويراعى عند إضاءة الشارع عرضه واتجاه السير فيه، فقد تكون الإضاءة على أحد الجانبين إذا كان عرض القسم المخصص للمرور أقل من 12 متراً، وتكون الإضاءة على محور الشارع إذا لم يزد عرضه على 18 متراً وتصبح الإضاءة على كلا الجانبين عندما يصل العرض إلى 48 متراً، ويجب ألا تزيد المسافة الفاصلة بين القنديل أو المصباح والآخر على 4-5 أضعاف ارتفاعه عن سطح الشارع، ويضاف إلى هذا كله مؤشرات الطرق المضيئة والإشارات الضوئية التي تنظم السير.
إضاءة الملاعب وحلبات الرياضة
كانت الألعاب الرياضية مقتصرة على ضوء النهار في تاريخها الطويل، غير أن تطور مصادر الطاقة ومنابع الضوء وفر الجدوى الاقتصادية الضرورية لإضاءة حلبات الرياضة وملاعبها. وكانت الإضاءة في البدء تعتمد على أضواء معلقة فوق الملعب مباشرة إلا أن الأسلوب الأساسي المتبع اليوم هو استخدام صفوف من المناوير الضخمة projectors في زوايا الملعب أو على محيطه. وتستعمل في هذه الحالة مصابيح خاصة ذات مردود ضوئي مرتفع وحياة طويلة نسبياً مثل مناوير التنغستين ـ هالوجين tungsten-hologen projectors. وربما شهدت الملاعب قريباً مصابيح أكثر فاعلية من نوع مصابيح الزنون التي يجري العمل على تطويرها.
إضاءة المنشآت الأثرية والعامة
إن الغاية الأساسية من إضاءة هذه المنشآت هي الإضاءة التأثيرية التزيينية وغالباً ما يكون الأسلوب المتبع هو «إضاءة الغمر»، والقصد منها إضاءة الواجهات والنصب والنوافير والرايات واللافتات والمساحات الخضراء بمناوير وكشافات متعددة الألوان متباينة الشدة. والمبدأ العام هنا، كما في إضاءة الملاعب هو تسليط الضوء على الشيء المراد إبرازه من مسافة كافية، فتنار المنشأة من دون ما يجاورها. والغاية من «إضاءة الغمر» توزيع الضوء بالاتجاه وبالكمية اللازمين لإنارة جميع أجزاء الواجهة فتبرز منحوتاتها ورسوماتها وأشكالها كما تبدو في وضح النهار.تصليح سخانات مركزية
وقد يلجأ إلى تعليم حواف الأبنية بمصابيح التألق أو بالمصابيح الملونة الظاهرة أو المخفية، وإلى إبراز معالم البناء المعمارية بأضواء تنبعث من الداخل من خلال السطوح الزجاجية أو بوضع أضواء خلف المنشأة تضفي عليها ظلالاً خاصة، ويضاف إلى ذلك كله تنوع الإعلانات واللوحات المضيئة التي تعطي المشاهد التأثير المطلوب. وأخيراً فإن الجمع بين الإضاءة الاستثمارية والإضاءة التزيينية جمعاً ماهراً مدروساً يؤلف عنصراً مهماً في إعطاء المدينة والشارع والمنشآت جميعها مسحة جمالية منسجمة تمنحها طابعها الخاص.